آخر المواضيع

الخميس، 16 أبريل 2015

العيش عيش الأخرة فكلما ثبتك الله على الطاعة حفظك من شبهات المضلين..


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فان اول ما انزل الله أدم عليه السلام الارض اخبره بحقيقة ما سيكون فيها ونبهه الى سبيل النجاة والفوز ليكون على بصيرة من الطريق في اولها فقال سبحانه : {وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } [البقرة: 38]
فالحياة الدنيا حقيقتها دار ابتلاء وامتحان الى حين ثم موت فبعث ونشور والحياة الدنيا قائمة على العداوة بين اولياء الله واولياء الشيطان والله سبحانه رحم اولياءه فاتاهم ما يبين لهم سبل الهدى ويامنهم يوم القيامة وتستمر الحياة وينقسم الناس في هاته الدنيا من الناس من هو من جند الله يدعوا الى التوحيد والعبودية لله والوحدة والصلاح والفضيلة وصلة الرحم والخير كله ومن الناس من هو من جند الشيطان يدعوا الى الشرك و المعاصي والفرقة والفحش والرذيلة , سنة كونية لن تتغير ولن تتوقف حتى تقوم الساعة على شرار الخلق اهل الخير ولايتهم لله سبحانه وهو وليهم {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) } [البقرة: 257، 258] فمهمّ ان يدرك الانسان حقيقة هاته الحياة والسنة الكونية التي تمضي عليها , ليعرف كيف يمضي في طريقه الى ربه وليؤدي وظيفته على اكمل وجه ولقد جعل الله سبحانه في في هذه الحياة سنة اخرى تمضي بها لتحفظ الارض وينتشر الصلاح وهي سنة المدافعة بين الخير والشر بالمدافعة بين اهل الخير واهل الشر {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 251] هذه المدافعة صورها كثيرة ومتعددة على حسب قدرة اهل الصلاح والايمان فمن الجهاد لاهل الكفر والشرك الى المحاجة والمجادلة لاهل النفاق والباطل الى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الى بذل المال في نشر الحق والعلم الصحيح الى تعليم المسلمين دينهم ليعرفوا ماجاءهم من ربهم الى النصح بالكلمة الطيبة لابد ان تقوم هاته المدافعة
فمادام اهل الخير يدفعون الباطل بحسب جهدهم وبفقه وبصيرة , فان رفع راية الاصلاح مرفرفة وانتشار المصلحين بحسب جهدهم , وان هذا لهو الأمنة لاهل الارض ألاّ يعمهم الله بالعذاب وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ولا يكفي وجود الصالحين في دفع البلاء على الامم مالم يقوموا بوظيفة الاصلاح وهي من المدافعة فقد سالت ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها لما سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يتوعد العرب بعذاب قد اقترب قالت : فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ، قَالَ: «نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ» اذن من واجب اهل الخير ان يؤدوا رسالة الاصلاح بما يقدرون عليه حفظا لاهل الارض من العذاب العام , وحفظا للارض من الفساد ونشرا للحق وهداية للناس, كل هذا الواجب في مقابلة اهل الكفر والمعاصي اذ يجندون كذلك اجندتهم لنشر الباطل والرذيلة بالقوة او الدعاية وتسيير سبل الباطل { يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27} [النساء: 27] وإن من اساليب الدفع للباطل وهو مما يقدر عليه عموم المسلمين ما امر الله به نبيه في سورة الانسان { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا (23) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا (24) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25) } [الإنسان: 23 - 25] {وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26) إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا } [الإنسان: 26، 27] وهذا الامر وان كان للنبي عليه الصلاة والسلام فهو امر لامته كذلك عليها ان تمضي عليه وتحققه فقد اخبره ليثبت قلبه ان هذا القرآن الذي تضمن الحق والصدق والعدل والهداية هو الذي انزله عليه وهذا امر مهم لجميع المسلمين ان يستحضروه ويجددوه في نفوسهم ان ما يتبعون من الدين هو الدين الحق الذي انزله الله والهداية التامة التي جاء بها رسول الله فلا ينبغي لهم ان يلتفتوا الى دعوات غيرهم من الاديان الباطلة المحرفة ولا الى الافكار الضالة المنحرفة بل عليهم ان يعتزوا بما جاءهم من ربهم فهو نور من عند الله سبحانه
ثم امره ان يصبر نفسه على التمسك بما تضمنه هذا الكتاب المنزل من الحق من الاحكام والعقاد والتشريعات والامر بصبر النفس على ذلك يوحي الى شدة الامر ووجوب مجاهدة النفس وحذره من اتباع اهل الباطل ودعواتهم فلا تطعهم في كفر ولا اثم ولا تتبعهم في شرك ولا رذيلة وهذا من اعظم اوجه نصر الحق والانتصار به ان يتمسك الانسان بما عنده من الحق ولا يلتفت الى غيره ولا يتبع تسهيلات اهل الباطل للباطل ولا ترويجات اهل المعاصي للمعاصي , فكثيرا ما نجد اهل الخير يستنكرون الباطل اذا دعي اليه او روّج وهذا الانكار من الايمان لكننا نجدهم في حياتهم لم يتمسكوا بالحق ولم يعتصموا به فهم في ذاتهم مقصرون وهذا ما يقوي طمع اهل الباطل في نشر باطلهم في اوساطهم ولو وجدوا اهل الحق بالحق ملتزمين و للباطل كله مجتنبين لما تجرؤوا على نشر باطلهم وتوسيعه ولان صبر النفس على الحق والثبات عليه امر شاق على النفس حتى سماه الله صبرا بين ربنا سبحانه ما يعين الانسان على هذا الالتزام فامره بذكره وتسبيحه وكثرة السجود له اي الصلاة بالليل فان العبادات هي اكبر ما يعين الانسان على الصبر وهي من ادواته ثم بين ربنا سبحانه سبب اقامة اهل الباطل على باطلهم وسعيهم في نشره وهو غفلتهم عن الاخرة بتعلقهم بالعاجلة , وهذا فيه تحذير للمسلمين من الغفلة عن اليوم الاخر والغفلة ان الحياة الدنيا متاع الى حين وان الحياة الحقيقة هي الاخرة وان الدار الاخرة دار حساب وجزاء فكلما تذكر الانسان ان الدنيا فانية وان العيش الحقيقي هو عيش الاخرة كلما ثبته ذلك على الطاعة وصبره عليه وحفظه من اتباع شبهات المضلين وشهوات العاصين نسال الله سبحانه ان يصلح قلوبنا وجوارحنا ويهدينا سواء السبيل كما نساله ان يعمر الارض باهل الاصلاح ويدفع بهم الباطل اللهم امين.



0 التعليقات:

إرسال تعليق



 
القالب من تعريب وتطوير فؤاد احمد ابو اسماء :: الحقوق محفوظة ::