الحديث هو : عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أنأقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا، عصموا مني دماءهم، وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله» ( رواه البخاري ومسلم )
فهم هذا الحديث طائفتان فهماً باطلاً :
1- العلمانيون وأشياعهم أن المقصود به قتل جميع الكفار !
2- الدواعش وأخوانهم قتل جميع الكفار لكفرهم الا من أعطى الجزية !
العجيب اشتراكهما في الفهم الباطل للحديث !
الجواب العلمي المفصل :
الوجه الأول : لم يحاول الطرفان أن يجمعوا بين النصوص المتعلقة بنفس المسألة والباب لتكون الصورة كاملة وصحيحة بل أخذو نصاً واحداً وتركوا نصاً آخر فكان نظرهم للشريعة بعين عوراء !
الحديث الآخر المبين للحديث هذا :
عن بريدة عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش، أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيرا، ثم قال: «اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا، وإذا لقيت عدوك من المشركين، فادعهم إلى ثلاثخصال - أو خلال - فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك، فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها، فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم ...) ( رواه البخاري )
هذا الحديث فيه أن المسلمين يدعون الكفار الى ثلاث خصال :
1- الاسلام
2- الجزية مع اقرارهم على دينهم وأنفسهم وأموالهم
3- القتال
اذا القتال في المرحلة الأخيرة وليست الأولى ولا الثانية !
وبهذا يظهر لنا أن قوله ﷺ ( أُمرت أن أقاتل الناس ...) هذه هي المرحلة الأخيرة بعد عرض الاسلام ومحاسنه أو الاقرار على الدين والدنيا ولكن على جزية!
الوجه الثاني : الحديثان يتكلمان عن مرحلة أخيرة اسمها قتال وليس عن قتل والكثيرين لا يفرقون بين القتال والقتل فنحن نقاتل من صد عن سبيل الله تعالى ولا نقتله اذا لم يقاتل وكذلك لو قاتلنا وغلبناه فلا نقتل المرأة والطفل والشيخ والراهب والمريض وكل ضعيف من الكفار !
ولقد بين الامام ابن دقيق العيد خطأ من تلازم عنده القتال والقتل فقال ( وهذا إن قصد به الاستدلال بالمنطوق - وهو قوله - عليه السلام - " أمرت أن أقاتل الناس حتى إلخ " فإنه يقتضي بمنطوقه: الأمر بالقتال إلى هذه الغاية، فقد وهل وسها؛ لأنه فرق بين المقاتلة على الشيء والقتل عليه فإن " المقاتلة " مفاعلة، تقتضي الحصول من الجانبين ولا يلزم من إباحة المقاتلة على الصلاة إذا قوتل عليها - إباحة القتل عليها من الممتنع عن فعلها إذا لم يقاتل، ولا إشكال بأن قوما لو تركوا الصلاة ونصبوا القتال عليها: أنهم يقاتلون. إنما النظر والخلاف: فيما إذا تركوا إنسانا من غير نصب قتال: هل يقتل أم لا؟ فتأمل الفرق بين المقاتلة على الصلاة والقتل عليها، وأنه لا يلزم من إباحة المقاتلة عليها إباحة القتل عليها ..) ( إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام 2- 219)
الوجه الثالث : الاسلام في المرحلة الأخيرة وهي القتال أنصف خصمه لأن خصمه له جيشه وعُدته وعدده فاذا كلاهما متكافئ الفرص في الغلبة فلعله هو الذي يغلب جيش المسلمين ! فلم يكن في ذلك اكراه ولا اجبار ولا ظلم ولا اعتداء ! فاذا كانت الدول اليوم تتقاتل بجيوشها على دنيا يصيبونها فكيف بجيوش تتقاتل على دعوة الى الاسلام العظيم !
الوجه الرابع : والذي شرع لنا القتال أيضاً شرع لنا الصلح والهدنة والمعاهدة مع غير المسلمين
كما في صلح الحديبية ، ومعاهدة النبي ﷺ يهود المدينة حتى نقضوا هم ، ومن قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة ....
اذاً ليس الخيار الوحيد القتال الذي هو المرحلة الأخيرة كما بينا وإنما اختيار الصلح والهدنة والعهد خيارات أخرى مفتوحة فالاسلام دين صالح ومصلح لكل زمان ومكان .
والله الموفق لسواء السبيل .
0 التعليقات:
إرسال تعليق