آخر المواضيع

الجمعة، 21 أغسطس 2015

نقلا من السير للإمام الذهبي هل الكفار يعرفون الله وتعليقه على ذلك



قال الامام الذهبي رحمه الله في السير في ترجمة أَبُو عِمْرَانَ الفَاسِيُّ مُوْسَى بنُ عِيْسَى رقم الترجمة (364)
" وحكَى القَاضِي عِيَاض (" ترتيب المدارك " 4 / 703، 704)
قَالَ: حَدَثَ فِي القَيْرَوَان مَسْأَلَةٌ فِي الكُفَّار؛ هَلْ يَعْرِفُوْنَ اللهَ - تَعَالَى - أُم لاَ؟
فَوَقَعَ فِيْهَا اختلاَفُ العُلَمَاء، وَوقعتْ فِي أَلْسِنَةِ العَامَّةِ، وَكثُر المِرَاءُ، وَاقْتَتَلُوا فِي الأَسواق إِلَى أَنْ ذهبُوا إِلَى أَبِي عِمْرَانَ الفَاسِيّ.
فَقَالَ: إِن أَنصَتُّم، عَلَّمْتُكُم.
قَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: لاَ يكلِّمُنِي إِلاَّ رَجُلٌ، وَيَسْمَعُ البَاقُوْنَ.
فَنَصَبُوا وَاحِداً، فَقَالَ لَهُ: أَرَأَيْتَ لَوْ لقيتَ رَجُلاً،فَقُلْتُ لَهُ: أَتعرفُ أَبَا عِمْرَان الفَاسِيَّ؟
قَالَ: نَعَمْ.
فَقُلْتَ لَهُ: صِفْهِ لِي.
قَالَ: هُوَ بقَّالٌ فِي سُوق كَذَا، وَيسكُن سَبْتَة، أَكَانَ يعرِفُنِي؟
فَقَالَ: لاَ.
فَقَالَ: لَوْ لقيتَ آخَرَ فسأَلتَه كَمَا سَأَلتَ الأَوَّل، فَقَالَ ( :أَعرفُه يُدرِّس العِلْمَ، وَيُفْتِي، وَيَسْكُنُ بِغَربٍ الشَّماط ، أَكَانَ يَعْرِفُنِي؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فكَذَلِكَ الكَافِرُ قَالَ: لرَبِّه صَاحِبةٌ وَولدٌ، وَأَنَّهُ جسمٌ، فَلَمْ يَعْرِف اللهَ وَلاَ وَصَفَهُ بِصِفَتِهِ بِخِلاَف المُؤْمِن.
فَقَالوا: شَفَيْتَنَا.
وَدعَوا لَهُ، وَلَمْ يخوضُوا بَعْدُ فِي المَسْأَلَة.
قُلْتُ: المشركُون وَالكتَابيُّون وَغَيْرُهُم عَرَفُوا اللهَ - تَعَالَى - بِمعنَى أَنَّهُم لَمْ يَجْحَدُوهُ، وَعَرَفُوا أَنَّهُ خَالِقُهُم، قَالَ - تَعَالَى -: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُم مَنْ خَلَقَهُم لَيَقُولُنَّ الله} [الزُّخرف:87]وَقَالَ: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّموَاتِ وَالأَرْضِ} [إِبْرَاهِيْم:10]
فَهَؤُلاَءِ لَمْ يُنْكِرُوا البَارِئَ، وَلاَ حَجَدُوا الصَّانعَ، بَلْ عَرَفُوهُ، وَإِنَّمَا جَهِلُوا نُعُوتَهُ المُقَدَّسَة، وَقَالُوا عَلَيْهِ مَا لاَ يَعْلَمُوْنَ، وَالمُؤْمِنُ فَعَرف رَبَّهُ بِصِفَاتِ الكَمَال، وَنفَى عَنْهُ سمَاتِ النَّقْصِ فِي الجُمْلَةِ، وآمن بِرَبِّهِ، وَكفَّ عَمَّا لاَ يعلَمُ، فَبهَذَا يتبيَّنُ لَكَ أَنَّ الكَافِر عَرَفَ اللهَ مِنْ وَجْهٍ، وَجَهِلَهُ مِنْ وُجُوه، وَالنبيُّون عرفُوا اللهَ - تَعَالَى -، وَبَعْضُهُم أَكملُ مَعْرِفَةً لله، وَالأَوْلِيَاءُ فَعَرفُوهُ مَعْرِفَةً جَيِّدَةً، وَلَكِنَّهَا دُوْنَ مَعْرِفَةِ الأَنْبِيَاء، ثُمَّ المُؤْمِنُوْنَ العَالِمُوْنَ بعدَهُم، ثُمَّ الصَّالِحُوْنَ دونَهُم.
فَالنَّاسُ فِي مَعْرِفَةِ رَبِّهم مُتَفَاوِتُوْنَ، كَمَا أَنَّ إِيْمَانَهُم يَزِيْدُ وَيَنْقُص، بَلْ وَكَذَلِكَ الأُمَّةُ فِي الإِيْمَانِ بِنَبِيِّهم وَالمعرفَةِ لَهُ عَلَى مرَاتب، فَأَرفعُهُم فِي ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ مثلاً، ثُمَّ عددٌ مِنَ السَّابِقِيْن، ثُمَّ سَائِر الصَّحَابَة، ثُمَّ عُلَمَاءُ التَّابِعِيْنَ، إِلَى أَنْ تَنْتَهِي المعرفَةُ بِهِ وَالإِيْمَانُ بِهِ إِلَى أَعْرَابِيٍّ جَاهِلٍ وَامْرَأَةٍ مِنْ نسَاء القُرَى، وَدُوْنَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ القَوْلُ فِي مَعْرِفَةِ النَّاسِ لدين الإِسْلاَم.


أخي فضلا شارك الموضوع لتعم الفائدة.

 

0 التعليقات:

إرسال تعليق



 
القالب من تعريب وتطوير فؤاد احمد ابو اسماء :: الحقوق محفوظة ::