يسير - (الإعتداء):- هو تجاوز ما يجب أن يقتصر عليه.
فقد حذر الله تعالى من الإعتداء في الدعاء فقال تعالى : (ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين )
الأعراف 55أرشد تبارك وتعالى عباده إلى دعائه ثم نهاهم في نفس السياق عن الإعتداء في الدعاء.
قال البغوي في تفسيره (قوله تعالى(ادعوا ربكم تضرعا) تذللا واستكانة ، ( وخفية ) أي سرا.
رُوي عن ابن عباس-رضي الله عنهما- في قوله تعالى (إنه لا يحب المعتدين) قال (في الدعاء ولا في غيره)
تفسير الطبري (5/ وعن الربيع في معنى الآية قال (وقال الربيع رحمه الله : إياك أن تسأل ربك أمرا قد
نُهيت عنه ، أو ما ينبغي لك) تفسير الطبري (5/207). وعن ابن جريج في معنى الأية قال(إن من الدعاء
إعتداءً يكره رفع الصوت و النداء و الصياح بالدعاء ويؤمر بالتضرع و الإستكانة) تفسير الطبري (5/207).
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من الإعتداء في الدعاء فعن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه أنه
سمع ابنه يقول اللهم إني أسألكالقصر الأبيضعن يمين الجنة إذا دخلتها فقال أي بني سل الله الجنة وتعوذ
به من النار فإني سمعت رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول إنه (سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في
الطهور والدعاء ) رواه أبو داوود و ابن ماجه وصححه الإمام الألبانيوعن ابن سعد بن أبي وقاص
قال: سمعني أبي وأنا أقول: اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وبهجتها وكذا وكذا, وأعوذ بك من النار وسلاسلها
وأغلالها وكذا وكذا، فقال: يا بني! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(( إنه سيكون قومٌ يعتدون في الدعاء))، فإياك أن تكون منهم، إن أُعطيت الجنة أُعطيتها وما فيها من
خير، وإن أُعذت من النار أعذت منها ومما فيها من الشر. رواه أبو داود برقم (1480) وصححه
الإمام الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم (1313). إن الإعتداء في الدعاء باب واسع ومهيع فج
وهو كما تقدم تجاوز ما ينبغي ان يقتصر عليه وعلى هذا فكل مخالف للسنة ومفارق للهدي النبوي في
الدعاء يعد إعتداء ومن المعلوم أن المخالفات كثيرة متنوعة لا يجمعها نوع واحد ثم هي متفاوتة في الخطورة
فمنها ما قد يبلغ حد الكفر كدعاء غير الله. قال شيخ الإسلام إبن تيمية رحمه الله (وقوله تعالى
(إنه لا يحب المعتدين) قيل المراد أنه لا يحب المعتدين في الدعاء كالذي يسأل ما لا يليق به من منازل الأنبياء
وغير ذلك ،وقد روى أبو داود في سننه عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه أنه سمع ابنه يقول اللهم إني
أسألكالقصرالأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها فقال أي بني سل الله الجنة وتعوذ به من النار فإني سمعت
رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول إنه (سيكون في هذه الأمة قوم
يعتدون في الطهور والدعاء)) مجموع الفتاوى (15/22-23). ثم كيف يؤمل في الإجابة ويطمع في القبول
من يتجاوز في دعائه ضوابط الشريعة ويتعدى حدودها المقررة. ومن الإعتداء أن يسأل الله أن يعينه على
فعل الحرام وارتكاب المعاصي كأن يسأله أن يعينه على السفر إلى الحرام وما شابه ذلك. ومن الإعتداء
أيضاً أن يسأله تخليده ليوم القيامة أو أن يرفع عنه لوازم البشرية. ومنه أيضاً أن يسأله وهو غير متضرع
كالمستغني أو أن يعبده بما لم يشرع المدلي على ربه. ومنه أن يعبده بما لم يشرع، ويثني عليه بما لم يثن
به على نفسه ولا أذن فيه. ومنه أيضاً الدعاء على المؤمنين باللعنة و الخزي و الهوان، قال بعض السلف
في معنى المعتدين في الآية المتقدمة ((هم الذين يدعون على المؤمنين فيما لا يحل، فيقولون :
اللهم اخزهم، فأن ذلك عدوان)) تفسير البغوي (2 /166 ). وجاء عن سعيد بن جبير في معنى الآية قال:
((لا تدعوا على المؤمن و المؤمنة بالشر: اللهم اخزه و العنه ونحو ذلك فإن ذلك عدوان)) رواه ابن أبي حاتم
كما في ((الدر المنثور)) للسيوطي (3/475 ). ومنه أيضا رفع الصوت به رفعاً يخل بالأدب، قال كما قال
ابن جريج (إن من الدعاء إعتداءً يكره رفع الصوت و النداء و الصياح بالدعاء ويؤمر بالتضرع و الإستكانة)
تفسير الطبري (5/207). قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ((إنما اشتغلت قلوب طوائف من الناس
بأنواع من العبادات المبتدعة إما من الأدعية وإما من الأسفار وإما من السماعات ونحو ذلك لإعراضهم عن
المشروع أو بعضه أعني لإعراض قلوبهم وإن قاموا بصورة المشروع وإلا فمن أقبل على الصلوات
الخمس بوجهه وقلبه عاقلا لما اشتملت عليه من الكلم الطيب والعمل الصالح مهتما بها كل الاهتمام أغنته عن
كل ما يتوهم فيه خيرا من جنسها ومن أصغى إلى كلام الله وكلام رسوله بعقله وتدبره بقلبه وجد فيه من الفهم
والحلاوة والهدى وشفاء القلوب والبركة والمنفعة مالا يجده في شيء من الكلام لا منظومه ولا منثوره ومن
اعتاد الدعاء المشروع في أوقاته كالأسحار وأدبار الصلوات والسجود ونحو ذلك أغناه عن كل دعاء مبتدع في
ذاته أو في بعض صفاته فعلى العاقل أن يجتهد في اتباع السنة في كل شيء من ذلك ويعتاض عن كل ما يظن
من البدع أنه خير بنوعه من السنن فإنه فإنه من يتحرى الخير يعطه ومن يتوقى الشر يوقه)) اقتضاء
الصراط المستقيم ص384 ومن آداب الدعاء إخفاؤه فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال :
(( رفع الناس أصواتهم بالدعاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيها الناس، ارعوا على أنفسكم ،
فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائباً، إن الذي تدعون سميع قريب))رواه البخاري ومسلم قال الحسن البصري
((لقدأدركنا أقواما ما كان على ظهر الأرض من عمل يقدرون على أن يعملوه في سر فيكون علانية أبدا،
ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت، إن كان إلا همسا بينهم وبين ربهم عز
وجل، ذلك أن الله تعالى عز وجل يقول: ادعوا ربكم تضرعا وخفية ،وذلك أن الله تعالى ذكر عبدا صالحا
ورضي قوله، فقال (إذ نادى ربه نداء خفيا).( تفسير الطبري (5514). ومن الفوائد التي ذكرها
شيخ الإسلام ابن تيمية في إخفاء الدعاء
1-أعظم في الأدب و التعظيم.
2-أبلغ في التضرع و الخشوع.
3-أبلغ في الإخلاص.
جزى الله الشيخ خير الجزاء ونفعنا بعلمه .
0 التعليقات:
إرسال تعليق