آخر المواضيع

السبت، 30 مارس 2013

فضيلة الشيخ الدكتور صالح الفوزان حفظه الله يوضح حقيقة السلفية وسماتها

 
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والآه وبعد
فهذا توضيع لحقيقة السلفية لمن له غبش في ذالك قال شيخنا حفظه الله :

فإنّ النّبي صلّى الله عليه وسلم  أخبر أنّه سيَحْصُل افتراق في هذه الأمّة كما حصل في الأمم السابقة،
وأوصانا عند ذلك أن نتمسك بما كان عليه صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه، قال
صلى الله عليه وسلم:
"افترَقَتِ اليهود على إحدى
وسبعين فِرقة، افترقتِ النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة
على ثلاث وسبعين فِرقة كلها في النار إلا واحدة
قيل من هي يا رسول الله؟ قال: "من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي"، قال عليه الصلاة والسلام :"فإنّه
من يعِش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين
المهديين من بعدي، تمسّكوا بها وعضّوا عليها بالنّواجذ، وإيّاكم ومحدثات
الأمور فإنّ كلّ محدثة بدعة وكلّ بدعة ضلالة
" وفي رواية: "وكلّ ضلالة في النّار"،
هكذا أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نَلزم ما كان عليه هو
وأصحابه عند حصول الاختلاف والافتراق، لأنه لا بد أن يقع وقد وقع كما أخبر
به صلى الله عليه وسلم، فطريق النجاة هو التزام ما كان عليه الرسول صلى
الله عليه وسلم وأصحابه، هذه الفِرقة هي الناجية من النار، وسائر الفرق
كلّها في النار، ولذلك تسمّى الفرقة الناجية أهل السنّة والجماعة هذه هي
الفرقة المتميزة عن غيرها باتّباع الكتاب والسنة، وما عداها فهي فرق ضالة
وإن كانت تنتسب إلى هذه الأمة، ومنهجها مخالف لمنهج الرسول صلى الله عليه
وسلم وأصحابه، وهذا من كمال نصحه صلى الله عليه وسلم ومن كمال بيانه
للنّاس، فالطريق واضح والحمد لله اتّباع الكتاب والسنّة وما عليه سلف هذه
الأمّة من الصحابة والتّابعين وأتباع التّابعين إلى آخر القرون المفضّلة
القرون الثلاثة أو الأربعة، كما قال صلى الله عليه وسلم: "خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم"، قال الراوي: (لا أدري أذكر مع قرنه قرنين أو ثلاثة) ثم قال: "سيأتي بعدهم قوم يحلفون ولا يستحلفون ويشهدون ولا يُستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون ويظهر فيهم السمن"،
بعد القرون المفضلة تحصل هذه الأمور، ولكن من صار على منهج القرون المفضلة
ولو كان في آخر يوم من الدنيا فإنه ينجو ويسلم من النّار، والله عز وجل
قال: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ
الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ
تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ﴾، فالله جلّ وعلا ضَمِن لمن اتّبع المهاجرين والأنصار بهذا الشرط (بِإِحْسَانٍ)
يعني بإتقان لا دعوى أو انتساب من غير تحقيق إمّا عن جهل أو عن هوى، ليس
كل من انتسب إلى السّلف يكون محقا حتّى يكون اتّباعه بإحسان، هذا شرط
شرَطهُ الله عزّ وجلّ ، والإحسان يعني الإتقان والإتمام وهذا يتطلّب من
الأتْباع أن يدرسوا منهج السلف وأن يعرفوه ويتمسكوا به، أما أن ينتسبوا
إليهم وهم لا يعرفون منهجهم ولا مذهبهم فهذا لا يجدي شيئا ولا ينفع شيئا
وليسوا من السلف وليسوا سلفيين، لأنهم لم يتّبعوا السّلف بإحسان كما شرطَ
الله عزّ وجلّ، ولذلك أنتم ولله الحمد في هذه الجامعة وفي هذه البلاد وفي
مساجد هذه البلاد الذي يدرس فيها هو منهج السلف الصالح حتى نتبعهم بإحسان،
لا بالدعوى والتسمِي فقط، فكم ممن يدعي السلفية وأنه على منهج السّلف وهو
على خلاف ذلك، إما لجهله أنه بمنهج السّلف وإِمّا لهواه ، يَعرفُ لكن يتّبع
هواه ولا يتّبِعُ منهج السّلف، لاسيما وأنّ من صار على منهج السّلف يحتاجُ
إلى أمرين كما ذكرنا معرفة منهج السلف، والأمر الثاني التمسك به مهما
كلّفهُ ذلك لأنه سيلقى من المخالفين، سيلقى أذى، يلقى تعنُّتا، يلقى
اتهامات يلقى ما يلقى من الألقاب السّيئة لكن يصبر على ذلك لأنّه مقتنع بما
هو عليه فلا تهزّهُ الأعاصير ولا تغيِّرُه الفتن فيصبر على ذلك إلى أن
يلقى ربّه.


على الحق ظاهرين لا يضرّهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله
تبارك وتعالى"، فقوله: "لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم" يدل على أنّه
سيكون من يخالفهم، ويكون من يخذلهم، ولكن لا يهمّهم ذلك بل يأخذوا طريقهم
إلى الله عزّ وجلّ ويصبر على ما أصابه، كما قال لقمان لابنه وهو يعظه: ﴿يَا
بُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ
الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ
الأُمُورِ* وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ
مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ* وَاقْصِدْ فِي
مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ
الْحَمِيرِ﴾، هذا منهج السّلف هذا سَمْتهُم هذه صفتهُم والله جلّ وعلا قال: ﴿
وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا
السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، (هَذَا صِرَاطِي) نسبَه إلى نفسه نسبة تشريف وتكريم له ولمن سار عليه، (هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً) يعني معتدلا (فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ)، فدلّ على أنّ هناك سبل ولم يحدِّدها، سبل كثيرة (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ)، هذه المناهج الفرق المخالفة لمنهج السلف (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، أولا قال: (فَاتَّبِعُوهُ)، ثم قال (وَصَّاكُمْ) تأكيد (وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
تتقون الله سبحانه وتتقون الضلالات وتتقون الشبهات وتتقون وتتقون ما
يعترضوا طريقكم في سلوككم لهذا الصراط دلّ على أنّه سيعترضكم أشياء وانظر
كيف وحّد سبيله وصراطه وعدد السبل، صراط الله واحد لا انقسام فيه ولا تعدّد
ولا اعوجاج ولا اختلاف وأما السُّبل فهي كثيرة لا تُعد، كلّ يبتكر له سبيل
طريق يسير عليه كل يبتكر له منهجا يسير عليه هو وأتباعه فهي متعددة السبل (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) فإذا اتّبعتم السّبل ماذا يحصل؟ (فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ)
تُخرجكُم عن سبيل الله عز وجل تقعون في التِّيه والضلال والهلاك فلا نجاة
ولا صلاح ولا فلاح إلا بلزوم الصراط المستقيم الذي هو صراط الله جل وعلا ،
وما عداه فهو سبل الشياطين على كل سبيل منها شيطان يدعو الناس إليه فلنحذر
هذا الأمر ولا نغترّ بكثرة المخالفين ولا نعبأ بشبهاتهم وتعييرهم وتنقّصهم
لنا، ما نلتفت إلى هذا بل نسير إلى الله على بصيرة، والله جل وعلا فرض
علينا في كل ركعة من صلواتنا أن نقرأ سورة الفاتحة وفي آخرها (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) الصراط المستقيم الذي هو صراط الله عز وجل، (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً)، (اهْدِنَا الصِّرَاطَ) أي دُلّنا وأرشدنا وثبّتنا على الصراط المستقيم (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)، من هم الذين يسيرون عليه (الَّذِينَ
أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ
وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً)، هؤلاء هم رفقاءك على هذا الصراط الذي تسير عليه (وَمَنْ
يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ
اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ
وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً)، فلا تستوحش وأنت
على هذا الصراط، لأن صحبك ورفقاءك هم خيار الخلق فلا تستوحش ولو كثرت الطرق
كثرت الفرق وكثر المخالفون ما تلتفت إليه، لأنك مقتنع بما أنت عليه وهو
صراط الله عز وجل (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ)
، أي غير صراط المغضوب عليهم ولا الضالين، المغضوب عليهم هم الذين عندهم
علم ولم يعملوا به مثل اليهود عندهم علم ولكنّهم لم يعملوا به، والعلم إذا
لم يُعمل به صار حجّة على صاحبه يوم القيامة.



فإن صاحبه بالجهل منغمِرُ
الشرط الأول: أن يكون خالصا لوجه الله.
(بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ)،
أسلم وجهه هذا هو الاخلاص البراءة من الشرك وأهله، وهو محسن أي مُتّبع
للرسول صلى الله عليه وسلم تاركا للبدع والمحدثات، وإنما يعمل بسنة الرسول
صلى الله عليه وسلم (فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)،
فهذا هو منهج السلف وهو مأخوذ من الكتاب والسنة لا تقول من أين آخذ منهج
السلف أنا لا أعرف منهج السلف من أين آخذه؟ يا أخي الكتاب والسنة هو الذي
يعرفك منهج السلف، وأيضا ما تأخذ من الكتاب والسنة إلا بواسطة العلماء
الراسخين في العلم لا بد من هذا، فالذي يريد أن يسير على منهج السلف لا بد
أن يلتزم بهذه الضوابط الشرعية، وإلا كثير اليوم من يدعون أنهم على منهج
السلف وهم على ضلالة وعلى أخطاء كبيرة وينسبونها لمنهج السلف، فلذلك صار
الكفار والمنافقون والذين في قلوبهم مرض يسبون السلفيين وكل جريمة وكل
تخريب وكل بلاء يقولون هؤلاء هم السلفيون، هذا السلفية بريئة منه كل
البراءة والسلف برآء منه وليس هو على منهج السلف إنما هو على منهج الضلال
وإن تسمَّى بمنهج السلف، فيجب أن نفرق بين التسمي والحقيقة، لأنه فيه من
يتسمى من غير حقيقة فهذا ليس سلفيا والسلف برآء منه، منهج السلف علم نافع
وعمل صالح وأخوة في دين الله وتعاون على البر والتقوى هذا منهج السلف
الصالح الذي من تمسك به نجا من الفتن والشرور وانحاز إلى رضى الله سبحانه
وتعالى (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ)،
كل يريد الجنّات التي تجري تحتها الأنهار، كل لا يريد النار ولا يريد
العذاب، لكن الكلام على اتخاذ الأسباب التي توصل إلى الجنة وتنجي من النار،
ما فيه أسباب إلا التزام منهج السلف الصالح، قال الإمام مالك رحمه الله:
(لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها)، ما الذي أصلح أولها هو الكتاب
والسنة، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بالكتاب والسنة، والكتاب والسنة ولله
الحمد موجودة لدينا محفوظة بحفظ الله (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)،
محفوظة بإذن الله من أرادها بصدق وتعلم تعلما صحيحا وجد هذا، وأما من يدعي
من غير حقيقة أو يقلد من يدعي السلفية وهو ليس على منهج السلف فهذا لا
يجزي عليه شيء بل يضره، والمشكلة أن هذه ينسب إلى السلف ينسب إلى السلفيين
وهذا كذب وافتراء على السلف كذب وافتراء على السلفية هذا تمويه على الناس
 
سواء تعمد هذا أو لم يتعمده إما صاحب هوى وإما جاهل.
 
جزى الله شيخنا خير الجزاء ونفعنا بعلمه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

0 التعليقات:

إرسال تعليق



 
القالب من تعريب وتطوير فؤاد احمد ابو اسماء :: الحقوق محفوظة ::